{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ} قال كعب الأحبار: هذه الآية أول آية في التوراة، وآخر آية في التوراة، قوله: {الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا} الآية [الإسراء- 111].قال ابن عباس رضي الله عنهما: افتتح الله الخلق بالحمد، فقال: {الحمد لله الذي خلق السموات والأرض}، وختمه بالحمد فقال: {وقضي بينهم بالحق}، أي: بين الخلائق، {وقيل الحمد لله رب العالمين} [الزمر- 75].قوله: {الحمد لله} حمد الله نفسه تعليما لعباده، أي: احمدوا الله الذي خلق السموات والأرض، خصهما بالذكر لأنهما أعظم المخلوقات فيما يرى العباد، وفيهما العبر والمنافع للعباد، {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} والجعل بمعنى الخلق، قال الواقدي: كل ما في القرآن من الظلمات والنور فهو الكفر والإيمان، إلا في هذه الآية فإنه يريد بهما الليل والنهار.وقال الحسن: وجعل الظلمات والنور يعني الكفر والإيمان، وقيل: أراد بالظلمات الجهل وبالنور العلم.وقال قتادة: يعني الجنة والنار.وقيل: معناه خلق الله السموات والأرض، وقد جعل الظلمات والنور، لأنه خلق الظلمة والنور قبل السموات والأرض.قال قتادة: خلق الله السموات قبل الأرض، والظلمة قبل النور، والجنة قبل النار، وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى خلق الخلق فى ظلمة، ثم ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضل».{ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} أي: ثم الذين كفروا بعد هذا البيان بربهم يعدلون، أي: يشركون، وأصله من مساواة الشيء بالشيء، ومنه العدل، أي: يعدلون بالله غير الله تعالى، يقال: عدلت هذا بهذا إذا ساويته، وبه قال النضر بن شميل، الباء بمعنى عن، أي: عن ربهم يعدلون، أي يميلون وينحرفون من العدول، قال الله تعالى: {عينا يشرب بها عباد الله} أي: منها.وقيل: تحت قوله: {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} معنى لطيف، وهو مثل قول القائل: أنعمت عليكم بكذا وتفضلت عليكم بكذا، ثم تكفرون بنعمتي.